( 83 ) ألف مستفيدة من بدل إجازة الأمومة تراكمياً حتى نهاية أيلول.!   |   مصدر مقرب من حزب الله: 《نصر الله دُفن مؤقتا في مكان سري》   |   مدارس الرأي تحتفل بيوم المعلم   |   كَــــــم بِـــــتــــحِـــبــــني ؟!   |   ورشة تعريفية بجائزة الحسن للتميّز العلمي بدورتها للعام 2025 المخصّصة لمؤسسات التعليم المهني والتقني   |   بنيامين نتنياهو: المهندس، والمظلة، و《طاقة الدفع》؟    |   وكالة بيت مال القدس تعرض مشاريعها في القدس بحضور الوزير عساف   |   إدارة التنافس في مجال الذكاء الاصطناعي العالمي   |   هيئة تنشيط السياحة وبالتعاون مع الملكية الأردنية مؤخراتنظم رحلة استطلاعية خاصة لعدد من منظمي الرحلات ووكلاء السياحة والسفر من الجزائر.   |   معركة مكافحة التدخين تحت تهديد 《ثقافة الإلغاء》 والمعلومات المضللة     |   خلف الكواليس مع 《Galaxy Ring》: كيف يغير التخطيط مستقبل إدارة الصحة؟   |   بنك الأردن يدعم تعليم الأيتام والمحتاجين في الأردن وفلسطين بالتعاون مع جمعية لجنة اليتيم العربي   |   Try Galaxy... بوابتك إلى عالم سامسونج المبتكر   |   مبادرة ثقافية عربية لدعم الإبداع في مجال الرواية القصيرة   |   أورنج الأردن تشارك فيديو يسلط الضوء على أهم فعالياتها لشهر أيلول والتي تضمنت عدداً من الأحداث المميزة والأنشطة المختلفة   |   القضاة: حريصون على استدامة الشراكة مع غرف التجارة لدعم الاقتصاد الوطني   |   الريتز-كارلتون، عمّان يحصد جائزة اختيار قراء مجلة 《كوندي ناست ترافيلر》 2024   |   381 مستفيدة من البرنامج زين تُطلق النسخة الرابعة من برنامج 《المرأة في التكنولوجيا》   |   1.041 مليار دينار صادرات تجارة عمان في 9 أشهر   |   إدارة الأزمات ينشر تحذيرات للمواطنين حال مشاهدتهم مسيرات في الجو   |  

طبيعة الإنسان والواقع الاجتماعي والمنهج الفلسفي


طبيعة الإنسان والواقع الاجتماعي والمنهج الفلسفي
الكاتب - ابراهيم ابو عواد

طبيعة الإنسان والواقع الاجتماعي والمنهج الفلسفي

إبراهيم أبو عواد / كاتب من الأردن

1

     القاعدةُ الثقافية الحاملة للعلاقات الاجتماعية تُكَوِّن أنساقًا لُغويةً رمزيةً تُفَسِّر طبيعةَ الإنسان ، اعتمادًا على الرابطة بين الدوافعِ النَّفْسِيَّةِ ومَعاييرِ الإدراكِ . وتفسيرُ طبيعةِ الإنسانِ هو تفسيرٌ للواقع الاجتماعي ، وكُلَّمَا تَكَرَّسَتْ عمليةُ التفسيرِ إنسانيًّا وواقعيًّا واجتماعيًّا ، اتَّضَحَتْ معالمُ الوَعْي المُسيطِر على التَّنَوُّعِ الثقافي ، والسُّلُوكِ اليَومي ، والتواصلِ الحضاري . وهذا يدلُّ على أنَّ الهدفَ مِن عملية التفسير هو الوُصُولُ إلى الوَعْي ، وَحِمَايَتُه مِن الغيابِ والتغييبِ،لأنَّ حُضُورَ الوَعْي هو الضَّمَانَةُ لدمجِ القاعدة الثقافية مع قاعدة البناء الاجتماعي، واستخراجِ تاريخ التجارب الحياتية مِن أعماق الإنسان . وهذا مِن شأنه إحداثُ توازن بين حُضُورِ الوَعْي وحُضُورِ التاريخ ، ومنعُ العلاقاتِ الاجتماعية مِن عَزْلِ الثقافة ، ومنعُ الثقافةِ مِن تَحويل اللغةِ إلى هيكل اجتماعي مُحَنَّط في مُتْحَفِ التاريخ . والغايةُ مِن العلاقاتِ الاجتماعية هي تعميمُ الظواهر الثقافية ، وتحديدُ المعاني الوجودية ، وتفعيلُ التبادل المعرفي ، وتعزيزُ وسائل الاتصال والتواصل ، والغايةُ مِن الثقافة هي تفجيرُ الطاقة الرمزية في اللغة ، وتأويلُ الواقع الاجتماعي معرفيًّا لا مصلحيًّا ، وتحويلُ السُّلوكِ اليومي إلى مُحاولة مُستمرة للتَّطَهُّر مِن العُقَدِ النَّفْسِيَّة في طبيعة الإنسانِ ، والعُقَدِ التاريخيةِ في البناء الاجتماعي .

2

     لا يُوجد بناء اجتماعي بِدُون بُنية أخلاقية واعية ، وقادرة على تحويل مصادر المعرفة إلى فاعلية للتغيير في مركزية الوَعْي في البيئةِ المُعَاشَة وماهيَّةِ الوجود وهُوِيَّة المَعنى الإنساني ، وهذا التغييرُ لا يَعْني إقامةَ قطيعة معَ التُّراثِ الفِكري والزمنِ الماضي ، وإنَّما يَعْني فتحَ الزمن على إفرازاتِ التاريخِ وإسهاماتِ الحضارة ، بحيث يُصبح الزمنُ منهجًا فلسفيًّا لتوليدِ الوَعْي في الفضاء الإبداعي للعلاقات الاجتماعية ، واكتشافِ الرموز اللغوية في الدوافعِ النَّفْسِيَّةِ ومَعاييرِ الإدراك . ووظيفةُ المنهجِ الفلسفي تتجلَّى في تحديد أبعاد الواقع الاجتماعي ذي الطبيعة المُزْدَوَجَة ( الكِيَان المادي الواقعي والكَينونة المَعنوية الحالمة )، مِمَّا يُسَاهِم في فَحْصِ الأنساق التُّرَاثية الكامنة في الثقافة ، والتعاملِ معَ اللغة كمنظومة وُجودية تُزيل التعارضَ بَين الشُّعُورِ الإنساني في تاريخ الوَعْي ، وبَين الآلةِ الميكانيكية في حضارة الاستهلاك ، وتَضَع حَدًّا فاصلًا بين الصراع في التاريخ ، وبين الصراع على التاريخ. وإذا كانَ التاريخُ له فلسفته الخاصَّة، فإنَّ اللغة لها مَنطقها الخاص ، ولا يُمكِن الجمعُ بين نظام التاريخ ومَنظومة اللغة إلا بتفعيل ذاكرة منهج التحليل الاجتماعي ، حيث يقوم المجتمعُ باكتشاف جَدوى بقائه وشرعيةِ حياته في الحاضر والماضي معًا ، بلا انقطاع زمني ، ولا قطيعة معرفية . والزمنُ المُتَّصِلُ يَعْني بحثًا مُستمرًّا عن المَعنى الوجودي للإنسانِ والمُجتمعِ والبيئةِ ، بلا قوالب جاهزة ، ولا أحكام مُسْبَقَة . والمعرفةُ المُتواصلةُ تَعْني إنتاجًا مُستمرًّا للوَعْيِ والإدراكِ والمسؤوليةِ ، بلا قَمْع فِكري ، ولا عُقَد نَفْسِيَّة أوْ تاريخية .

3

     إذا كانَ الإنسانُ ابنَ الواقعِ الاجتماعي ، فإنَّ الفلسفةَ ابنةُ رمزيةِ اللغة ، وهذا النسيجُ المعرفي المُتشابك يُؤَسِّس المفاهيمَ العقلانية في زوايا الرؤية للتاريخ ، ويُكَرِّس التَّحَوُّلاتِ الفكرية والاجتماعية كمعايير وُجودية تُعيد صِياغةَ العلاقة بين الذاتِ والموضوعِ ، والنظريةِ والتطبيقِ ، والشكلِ والمَضمونِ ، والهُوِيَّةِ والمَاهِيَّةِ ، مِن أجل منعِ الوَعْي الزائف مِن إنتاج المَعنى التاريخي في الحضارة ، ومنعِ الوَهْم المُؤَدْلَجِ مِن تفتيت الفِعْلِ الحَضَاري في التاريخ . وهذا يُؤَدِّي إلى تحقيق التوازن بين الفِعْلِ الاجتماعي والفِعْلِ الحضاري . وهذان الفِعْلان يَنقُلان التجاربَ الشخصية للأفراد مِن الصِّيغة الوِجْدانية إلى الصِّيغة الثقافية ، ويُحَوِّلان البناءَ الاجتماعي مِن هَيكل تَرَاتُبي جامد إلى فضاء إبداعي سائل ، يَحتضن الأحلامَ الفَرْدية والطُّمُوحات الجَمَاعية ، ويَبْني سُلطةَ المُجتمعِ فِكْرًا وأخلاقًا ، خَيَالًا وواقعًا ، تأصيلًا عِلْمِيًّا وتطبيقًا عَمَلِيًّا . ولا يُمكِن أن تَكتمل سُلطةُ المُجتمع إلا إذا اكتملتْ شخصيةُ الفردِ الإنسانية ، لأنَّ شخصيةَ الجُزْءِ هي أساسُ سُلطةِ الكُلِّ .