جمعية المصرفيين العرب في لندن تمنح رندة الصادق جائزة الإسهامات المتميزة في القطاع المصرفي العربي للعام 2025   |   شجرة طلال أبوغزاله تجسد رمزًا خالدًا لشراكة تتجدد وجسور تمتد بين الثقافة الصينية العربية.   |   النائب المهندس سالم حسني العمري يشارك في اجتماعات البرلمان الأوروبي ببروكسل   |   سامسونج تكشف عن 《Galaxy Z TriFold》مستقبل الابتكار في عالم الهواتف القابلة للطي   |   الفرصة الأخيرة للطلبة الدوليين: مقاعد محدودة للالتحاق بأكاديمية جورامكو لشهر كانون الثاني 2026   |   منصة زين شريكاً استراتيجياً لبرنامج 《42 إربد》 المتخصص في علوم الحاسوب والبرمجة   |   العميد الركن المتقاعد دريد جميل عبدالكريم مسمار في ذمة الله   |   د. أبو عمارة يشهر كتاب ( عندما يتكلم الجمال )   |   استمرار تسلّم مشاركات 《جوائز فلسطين الثقافية》في دورتها الثالثة عشرة – 2025/2026   |   علي عليان الزبون رئيس ديوان آل عليان/ الزبون/ بني حسن ينضم الى حزب المستقبل   |   مَي و شويّة ملح   |   مجمع الملك الحسين للأعمال يوقع مذكرة تفاهم لبناء وتطبيق نظام حديث لادارة مواقف للسيارات قائم على التكنولوجيا بالشراكة مع شركة فيلادلفيا لمواقف السيارات ممثلة STالهندسية   |   خدمة نقل البلاغات القضائية من البريد الأردني… بسرعة وموثوقية،   |   ورقه سياسات وطنية لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد والمخزون في الأردن   |   الدكتور زياد الحجاج: المونديال ليس فرحة عابرة… بل اختبار جاد لجدّية الدولة في حماية أحلام شبابها وتحويل الإنجاز إلى مشروع وطني شامل   |   الحاج توفيق يثمّن فوز الأردن بأربع جوائز عربية للتميّز الحكومي   |   الهيئة العامة لغرفة تجارة عمّان تقرّ التقريرين الإداري والمالي لعام 2024   |   مديرية الأمن العام تحذر من حالة عدم الاستقرار الجوي المتوقعة   |   زين تُعلن رابحة سيارة Jetour T2 Luxury 2025   |   الدكتور وائل عربيات يوجّه رسالة مؤثرة يدعو فيها إلى صون المشروع الهاشمي وحماية الوطن   |  

خدمة العلم.. بين فتح العين وكسر العين حكاية


خدمة العلم.. بين فتح العين وكسر العين حكاية
الكاتب - نضال المجالي

خدمة العلم.. بين فتح العين وكسر العين حكاية

منذ منتصف سبعينيات القرن الماضي، ارتبطت ذاكرة الأردنيين ببرنامج حمل اسماً مختلفاً: خدمة العلم. لم يكن المقصود أن يسمى «تجنيداً إجبارياً» أو «خدمة عسكرية إلزامية»، بل أن يحمل بُعداً أوسع من البندقية واللباس العسكري، وأن يُقدم للشباب على أنه مدرسة للحياة والانتماء، لا مجرد التزام ثقيل يفرض بالقوة.

 

 

فلسفة التسمية جاءت مزدوجة؛ فهي أولاً خدمة للعِلم -بكسر العين- بمعنى التعليم والمعرفة، إذ كان الهدف أن يخرج الشاب الأردني من التجربة وقد اكتسب انضباطاً وخبرةً ومهارةً تعينه في ميادين الحياة، لا أن يكون جندياً عابراً. وهي ثانياً خدمة للعَلم -بفتح العين- بمعنى الراية الوطنية، فحماية الوطن تبدأ من حماية رمزه الأعلى، العَلم، الذي يرفرف في ميادين القتال والتدريب كما في المدارس والساحات. بهذا جمع الاسم بين القلم والسلاح، وبين الجامعة والثكنة، وبين المستقبل الفردي والهوية الجمعية.

أُطلقت خدمة العلم رسمياً عام 1976 بقرار من الحسين رحمه الله، وجاءت لتشكل برنامجاً إلزامياً مدته سنتان تقريباً. لم تكن مجرد طوابير عسكرية أو تدريبات صباحية، بل شملت مشاركة واسعة في مشاريع تنموية: من الزراعة والبناء إلى حملات محو الأمية حينها، لتصبح الخدمة جسراً يربط الشباب بالمجتمع ويمنحهم تجربة حياتية يتذكرونها طويلاً.

ولم يكن اختيار الاسم بريئاً من بعده النفسي؛ فقد أرادت الدولة أن تلطّف الطابع العسكري للبرنامج، وأن تُبعده عن صورة «الإكراه»، ليُفهم كخدمة وطنية لا كعقوبة. ومن هنا استمدت التسمية قوتها، لتظل في ذاكرة الأردنيين مرتبطة بالانضباط، والانتماء، والفخر بأن يخدم الشاب راية بلاده، ولهذا كان البرنامج الوحيد الذي لا تجد من يختلف عليه.

ومع توقف البرنامج في التسعينيات، بقي الاسم راسخاً في الوجدان. بل إن عودته بصيغ جديدة أقصر وأقرب للتدريب المهني، لم تُسمَّ إلا بذات العنوان، وكأن الاسم أصبح جزءاً من الهوية الوطنية، لا مجرد عنوان إداري لبرنامج عسكري.

اليوم، حين نستعيد الحديث وتفعيل «خدمة العلم»، بإعلان ولي العهد فإننا لا نتذكر فقط تجربة شبابٍ لبسوا «البريه» ووقفوا في طوابير الصباح، بل نستحضر فلسفة أردنية عميقة: أن خدمة الوطن ليست في البندقية وحدها، بل في التعليم، والانضباط، والعمل، والتطوع وتلك جميعاً خدمة للعلم… وخدمة للراية.

ولأختم بالاطمئنان قائلا إن العودة لبرنامج «خدمة العلم» بصيغته الحديثة لا تعني مطلقاً عودة التجنيد الإجباري كما كان، ولا استهدافا لجيل 2007 ومن يلحقه كما يشاع، ولا يجب أن يُنظر إليها كقيد على الشباب أو مصادرة لأحلامهم، بل كتجربة وطنية تعزز الانتماء وتضيف إلى شخصيتهم قوة وثقة. هي ليست مشروعاً للتشكيك أو التخويف، بل فرصة لإعادة إحياء فكرة أن خدمة الوطن شرف، وأن شباب الأردن يستحقون أن يحملوا القلم والبندقية معاً تحت راية واحدة.