النائب المهندس سالم حسني العمري يشارك في اجتماعات البرلمان الأوروبي ببروكسل   |   سامسونج تكشف عن 《Galaxy Z TriFold》مستقبل الابتكار في عالم الهواتف القابلة للطي   |   الفرصة الأخيرة للطلبة الدوليين: مقاعد محدودة للالتحاق بأكاديمية جورامكو لشهر كانون الثاني 2026   |   منصة زين شريكاً استراتيجياً لبرنامج 《42 إربد》 المتخصص في علوم الحاسوب والبرمجة   |   العميد الركن المتقاعد دريد جميل عبدالكريم مسمار في ذمة الله   |   د. أبو عمارة يشهر كتاب ( عندما يتكلم الجمال )   |   استمرار تسلّم مشاركات 《جوائز فلسطين الثقافية》في دورتها الثالثة عشرة – 2025/2026   |   علي عليان الزبون رئيس ديوان آل عليان/ الزبون/ بني حسن ينضم الى حزب المستقبل   |   مَي و شويّة ملح   |   مجمع الملك الحسين للأعمال يوقع مذكرة تفاهم لبناء وتطبيق نظام حديث لادارة مواقف للسيارات قائم على التكنولوجيا بالشراكة مع شركة فيلادلفيا لمواقف السيارات ممثلة STالهندسية   |   خدمة نقل البلاغات القضائية من البريد الأردني… بسرعة وموثوقية،   |   ورقه سياسات وطنية لتعزيز مرونة سلاسل الإمداد والمخزون في الأردن   |   الدكتور زياد الحجاج: المونديال ليس فرحة عابرة… بل اختبار جاد لجدّية الدولة في حماية أحلام شبابها وتحويل الإنجاز إلى مشروع وطني شامل   |   الحاج توفيق يثمّن فوز الأردن بأربع جوائز عربية للتميّز الحكومي   |   الهيئة العامة لغرفة تجارة عمّان تقرّ التقريرين الإداري والمالي لعام 2024   |   مديرية الأمن العام تحذر من حالة عدم الاستقرار الجوي المتوقعة   |   زين تُعلن رابحة سيارة Jetour T2 Luxury 2025   |   الدكتور وائل عربيات يوجّه رسالة مؤثرة يدعو فيها إلى صون المشروع الهاشمي وحماية الوطن   |   شاهد نتيجة وملخص مباراة فلسطين ضد تونس المثيرة بكأس العرب 2025   |   إنهاء الصراع العربي الأسرائيلي أو استمراره بيد الإدارة الأمريكية   |  

أنا مستوزر


أنا مستوزر
الكاتب - نضال المجالي

يبدو أن أبسط وسيلة لإسكات أي نقد وتعليق بنّاء، او مقال تحليلي هادف كما كان في مضمون مقال الأسبوع الماضي "كله تمام سيدي" هي إلصاق تهمة "مستوزر" به. يكفي أن تكتب عن ثغرة في الإدارة العامة، أو تشير إلى عجز في التخطيط، أو حتى تتساءل لماذا ما زالت بعض معاملاتنا عالقة في دهاليز الورق كالتحقق من الوفاة لاستكمال معاملة وأنت واقف "بشحمك ولحمك" أمام الجهة المعنية، أو رفض إعداد وكالة عند كاتب عدل خارج حدود مكان الإقامة وفق قانون كاتب العدل تلزمك التواجد الشخصي في العقبة كمكان إقامة لاستكمال معاملتك وأنت في السلط وقتها، بينما العالم يطير بذكاء اصطناعي، ويتحدث عن عالم واحد منذ عشرات السنين، ثم يخرج عليك أحدهم بما تحدثت أو كتبته ملوّحاً بابتسامته العارفة: "واضح إنك مستوزر".

 

 

يا سادة، بالرغم أن "اللي ربع ربع واللي قبع قبع" والتعديل انتهى حديثا، اسمحوا لي أن أعلنها بصراحة: نعم، أنا مستوزر. ولكن ليس بالمفهوم الذي تعلمونه. لستُ من روّاد مجالس صالونات السياسة، بالرغم أني أتشرف بالعضوية في حزب عزم، ولا من زبائن أبواب المسؤولين بالرغم أني أملك محبة وتواصلا مخزونا من الأصدقاء بينهم، ولا أمتلك أوركسترا إعلامية بالرغم أني ناشر لموقع خبر جديد لتعزف لحن "الوزير المقبل". أنا "مستوزر" فقط لأنني كتبت ما لم يرُق، وقلت ما لا يُقال عند البعض، وطرحت أسئلة تُزعج راحة الكراسي الوثيرة.

يبدو أن النقد في نظر البعض صار مرادفاً للطموح الشخصي، وكأن المطالبة بخدمة عامة أفضل لا تأتي إلا من باب التهيئة لوزارة قادمة! وإن كان الأمر كذلك، فليستعد الوطن لتشكيل حكومة من آلاف "المستوزرين"، بدءاً من المعلم والطالب الذي يصرخ من عبء المناهج والإمكانيات المدرسية، مروراً بالطبيب الذي يشكو من ضغط المستشفيات وطوابير المراجعين، وصولاً إلى المواطن العادي الذي لا يجد مكاناً لاصطفاف سيارته لاستكمال معاملة ليجد مخالفة لقلة المواقف العامة.

الحقيقة أنني لم أكتب يوماً إلا بدافع خبرة جمعتها عبر مسيرتي العملية الطويلة في قطاعات مختلفة، عليها "حبة مسك" لدراستي في الادارة والتخطيط الاستراتيجي، خبرة جعلتني أرى بوضوح أن مشكلتنا كما يعلمها الجميع ليست قلة الكفاءات، بل وفرة الشعارات -وكنت يوما من يرفع عددا منها-. ليست ندرة الأفكار، بل غياب التنفيذ. ليست نقصاً في الخطط، بل مرض مزمن اسمه "التكرار بلا تقييم".

لكن لنسأل ببراءة: متى صار النقد تهمة؟ ومتى أصبح لزاماً على كل من يكتب في الشأن العام أن يُقسم أيمان الطاعة بأنه لا يطمع في كرسيّ وزاريّ؟ ألا يدرك هؤلاء أن قيمة التجارب والخبرات إنما تكمن في أن تنقل للآخرين وتُقال، وأن توضع على الطاولة بجرأة، لا أن تُخبأ خوفاً من سيف "المستوزر" المسلّط على الرقاب؟

أنا مستوزر… مستوزر بالوعي، لا بالمنصب. مستوزر بالمسؤولية، لا بالوجاهة. مستوزر بالخبرة التي صنعتها سنوات من العمل الميداني في القطاع الخاص والحكومي والمنظمات الدولية والمحلية، والتي تتيح لي أن أكتب عن الإدارة لا باعتبارها مفهوماً مجرداً، بل واقعاً عشته في أكثر من موقع وقطاع. مستوزر لأنني لا أكتفي بالتصفيق للنجاحات المزعومة، ولا أُتقن فن "التبرير الرسمي" الذي يحوّل كل إخفاق إلى إنجاز إعلامي.

وحتى أزيد الأمر وضوحاً: لو كان المنصب الوزاري هو الغاية، لكان الطريق إليه معروفاً: أبواب محددة، وأسماء معروفة، ودوائر مغلقة لا تخترقها مقالات ولا تحركها ملاحظات، وأحيانا تحددها سهرات. لكنني اخترت أن أكتب، وأكتب فقط، لا لأُضاف إلى قائمة المرشحين، بل لأُبقي على بصيص أمل بأن صوت العقل والنقد قد يجد صداه يوماً.

فيا من تصفونني بالمستوزر، أشكركم! أنتم تمنحونني لقباً جميلاً، وتجعلون من مقالاتي حقيبة وزارية متنقلة. لكني– مع الأسف أو لحسن الحظ – وزير بلا كرسي، بلا مكتب، بلا مراسم. وزير كغيري كثير يقدم بصدق أو وزير بحب هذا البلد، وبالإيمان أن إصلاح الإدارة يبدأ بكلمة صريحة لا تُجامل، وصوت حر لا يُساوم، ومؤمن بشدة أن في بلدي من الوزراء والمسؤولين المكلفين أو ممن كلفوا سابقا هم مبدعون متمكنون صدقا وحققوا الأفضل.

إذن نعم… أنا مستوزر، وسأبقى كذلك، حتى تُصبح الخدمة العامة فعلاً لخدمة الناس، لا مجرد عنوان يرفع في الخطب والبيانات والتصريحات الحكومية. فمن منكم معي مستوزر؟