مفتاح اللعبة
مفتاح اللعبة
الموضوع: كذب المنجّمون ولو صدقوا
عن عوف، عن الحسن البصري قال:
بلغني أن رسول الله ﷺ قال:
قاتل الله أقوامًا أقسم لهم ربهم ثم لم يصدّقوا.
قال تعالى وهو يقسم بنفسه:
فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ مِّثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنطِقُونَ
بسم الله الرحمن الرحيم
ليلة رأس السنة… كان عبد اللطيف يشاهد التلفاز، ماسك الريموت وعيونه على الشاشة.
المنجّمة تتألق… بيدها ورقة…
تقرأ منها بثقة غريبة، وكأنها ماسكة امتحان مش دارسته.
رفعت الورقة وقالت:
التوقع الأول… الاستعداد لإنشاء جيش عالمي موحَّد… لمواجهة خطر الكائنات الفضائية بقيادة الدوق فليد.
عبد اللطيف تطايرت عيونه:
جدتي! فضائيين؟
يعني السنة الجديدة رح أشوف الغرن دايزر؟!
طلعت ليلى من غرفتها تحمل القط “هامان” على كتفها،
وتحبس ضحكتها:
لحظة… ليش قرأت “قضائية” بدل فضائية”؟
وليش الورقة مقلوبة أصلاً؟!
المنجّمة صحّحت الورقة بسرعة، وكأنها مش منتبهة…
وبصوت رسمي تابعت:
التوقع الثاني… فايروس خطير سينتشر عن طريق الفطط… عفوا القُطَط…
عبد اللطيف قاطعها:
شو يعني “فطط”؟
ليلى ضحكت وهي تمسح على القط هامان:
يعني لو هذا عطس… نحجر العمارة كلها؟
الجدّة — مش عارفة شو اسم القط — تمتمت:
مرّة بذكرني بهامان الفرعوني…
ومرّة بهامان الفارسي تبع زيركس الكبير…
عبد اللطيف (يضحك):
والاثنين يا ستّي قصّتهم طويلة…
والاثنين مشكلتهم كانت مع نفس الجماعة!”
رجعت المنجّمة للقراءة:
انتخابات مبكّرة في الولايات المتحدة.
ظهور أجسام غريبة في السماء باستخدام تقنية الهولوغرام.
هزّة أرضية في إثيوبيا تؤثر على سد النهضة.
“اعتماد ثلاث عملات رقمية رسميًا: الكاردانو، الإيثيروم، والايت كوين.
ثم قلبت الورقة وتابعت:
وتوقع جديد… القوات المصرية تتدخل عسكريًا في غزة حتى الشمال لتحريرها بالكامل…
عبد اللطيف رفع حاجبه:
لسه ما خلصنا من الفضائيين!
طيب شو بالنسبة للزواحف
وتابعت المنجّمة:
لكن قبل اكتمال التحرير… الأمم المتحدة تصدر قرارًا عاجلًا بوقف إطلاق النار بحجة حماية المدنيين.
ليلى علّقت:
يعني مصر ماشية للتحرير…
والأمم المتحدة بتقولهم:
بس دقيقة… وقّفوا شوي!
وتكمل المنجّمة:
غواصون مجهولون يقطعون أسلاك الإنترنت العالمية في البحر الأحمر…
عبد اللطيف شهق:
غواصين؟!
شو هاد؟ كوماندوز مائي؟!
وتواصل:
وتظهر آثار لعشبة القات في موقع العملية، مما يثير الشبهات.
ليلى انفجرت ضحكًا:
يعني الغواصين مخزّنين قبل العملية؟!
هادول كيف وصلوا لقاع المحيط ؟؟؟؟؟؟
وتكمل:
“وينقطع الإنترنت العالمي 14 ساعة…
وتنهار الأسواق…
والناس ترجع للرسائل الورقية…
وترتفع صرخة:
حتى لو 5G… ما في مشكلة!”
الجدّة مسكت راسها:
يا لطيف يا ليلى!
هاد العام الجديد… ولا موسم نهاية البشرية؟
وتختم المنجّمة:
ويتدخل إيلون ماسك لينقذ الموقف…
ويقدّم إنترنت عالمي مجاني…
عبد اللطيف ضحك:
أكيد… بس بشرط يستخدموا جهازه!
وفجأة… ينفتح باب الغرفة.
يدخل أبو عبد اللطيف وليلى، و بيده المصحف، وبصوته الهادئ يقطع فوضى التلفزيون.
قال:
يا جماعة…
الغيب مش مكتوب على ورقة…
الغيب عند اللي خلق الورقة.
فتح المصحف وقرأ:
﴿ قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾
﴿ وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ ﴾
﴿ يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ ﴾
﴿ إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ ﴾
﴿ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الغَيْبَ لَاسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ ﴾
ثم قال:
يا أولادي… المنجّمين ما بيعرفوا الغيب.
بس بيعرفوا كيف يخوّفوك.
وإنت… من خوفك… بتكمّل المطلوب بنفسك.
وبالأخص إذا صدّقتهم.
حتى هم عندهم قانون بالكلام يسمّوه قانون الجذب.
وقال الإمام علي رضي الله عنه:
كل متوقّع آت.
يعني لما تصدّق…
إنت نفسك بتخلق النتيجة.
وهذا هو مفتاح اللعبة…
يقنعوك… وإنت بتنفّذ.
عبد اللطيف هزّ رأسه وهو يبتسم بخجل:
هيك أنا فهمت اللعبة!
يعني كل هالرعب… من ورقة؟
ومن وحدة مش قادرة تقرأ كلمة “قطط”؟
ليلى ضحكت:
ولو توقعاتها صحيحة… كانت عرفت تقرأ السطر!
أبو عبد اللطيف أغلق المصحف وهو يقول:
ليلى ، عبد اللطيف… يلا روحوا ناموا
ثم أضاف:
خلّي السنة الجديدة بحالها…
واذكروا دائمًا:
أنا عند ظن عبدي بي.
يعني الله يعطيك على قدّ ما تتوقعه منه…
خيرًا كان أم سوءًا.
فحسنوا الظن…
ولا تتركوا المنجّمين يربّوا فيكم الخوف.
وما تنسوا… مفتاح اللعبة.
