حماس أم تهوّر ؟.
حماس أم تهوّر ؟.
بسم الله الرحمن الرحيم
الموضوع: حين لا تُحسب العواقب… يصبح الحماس تهوّرًا
الكرة معلّقة في الهواء…
المدافع يتقدّم بخطوة محسوبة لاعتراضها،
وفي لحظة واحدة يقفز المهاجم، لا بعقله بل بعاطفته،
يعلو كثيرًا… ثم يهبط بقسوة،
ليس على الأرض، بل على أكتاف المدافع.
حماس؟
ربما.
لكنّه حماس لم يتوقف ليسأل: ماذا بعد؟
سقط المدافع مصابًا إصابة كادت أن تُنهي مسيرته الرياضية.
صافرة الحكم قطعت المشهد… بطاقة صفراء ظهرت،
وكان يمكن أن تكون حمراء،
وكان يمكن أن يُكمل الفريق المباراة والأشواط الإضافية بنقص لاعب.
في لحظة واحدة تغيّر كل شيء.
هنا لا نتحدّث عن كرة،
بل عن قرار.
ولا عن قفزة،
بل عن اندفاع.
المثال رياضي في ظاهره، إنساني في جوهره، ويتكرر كلما تقدّم الحماس على الحساب.
لقد تجاوز اللاعب خطّ الحماس،
ودخل منطقة الاندفاع،
ثم انزلق—دون أن يشعر—إلى التهوّر.
فاز الفريق… نعم.
لكن الإعلام لم يتحدّث عن الفوز،
بل عن الهجمة غير المحسوبة.
تحوّل الانتصار إلى فوز بنكهة الهزيمة،
وظلّت اللقطة تطارد النتيجة.
وبعد صافرة الحكم، لم ينتهِ المشهد.
بدأت الأسئلة.
هل كان قرار الحكم صحيحًا؟
هل استحقّت اللقطة بطاقة صفراء أم كان الطرد أقرب؟
وهل يكفي غياب النية لتبرير فعل خرج عن السيطرة؟
الهجمة، وإن لم تكن بقصد الإيذاء، وُلدت من حركة غير محسوبة،
وحين تجاوزت حدودها، وضعت المباراة—وربما البطولة كاملة—تحت علامة استفهام.
تساءل المشاهدون:
هل كان القرار سيبقى نفسه لو تغيّر القميص؟
وهل كانت النتيجة ستصمد لو أُكملت المباراة بنقص لاعب؟
أسئلة لا تُدين أحدًا،
لكنها تكشف حقيقة واحدة:
حين يتجاوز الفعل حدوده، تُحسَب نتائجه قبل نواياه.
وهنا يبرز المعنى الأعمق:
«إنما الأعمال بالنيات» ميزانٌ للقلوب عند الله،
أمّا في واقع الناس،
فالأعمال تُقاس بما تخلّفه من أثر،
لأن النية الصالحة لا تُلغي نتيجةً أضرّت بغيرها.
الحماس والاندفاع والتهوّر متقاربون في الشكل،
لكنّهم مختلفون في الحساب.
الحماس يبدأ من الرغبة،
والاندفاع يولد من العاطفة،
أمّا التهوّر…
فهو حين تتقدّم العاطفة بلا عقل،
وتُتخذ الخطوة دون حساب النتائج.
الآن لا نسأل عن النوايا،
بل عمّا خلّفته من أثر و نتائج .
فلم تتوقف العواقب عند حدود الإصابة،
بل امتدّت لتضع الفريق وزملاءه تحت ضغط غير ضروري،
وتضع الحكم في قلب جدل لم يكن طرفًا فيه،
فتحوّل المشهد من لعبة إلى أزمة شملت الفرق ومنظّمي البطولة.
العِبرة ليست في صافرة النهاية،
بل فيما يبقى بعدها.
فالعبرة بالخواتيم،
وقد يحوّل قرار واحد غير محسوب
انتصارًا كاملًا
إلى انتصار بطعم الهزيمة…
أو هزيمةٍ بطعم الانتصار.
